من هم العشرة المبشرون بالجنة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد :
فالعشرة المبشرون هم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد، وأبو عبيدة عامر بن الجراح.
فقد ورد ذكر هؤلاء في حديث واحد صحيح رواه الترمذي وغيره، ولذلك فكلهم قرشيون، اثنان من بني عبد مناف هما: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب. واثنان من بني تيم بن مرة هما: أبو بكر، وطلحة بن عبيد الله. واثنان من بني عدي هما: عمر بن الخطاب، وسعيد بن زيد. واثنان من من بني زهرة هما: عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك. وواحد من بني أسد هو: الزبير بن العوام الأسدي. وواحد من بني عامر هو: أبو عبيد عامر بن الجراح العامري..وأفضلهم جميعاً الخلفاء الراشدون، وفضلهم على ترتيب خلافتهم.
من هو أبو بكر الصديق
خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي نسبة إلى بني تيم بن مرة، والده يلقب بأبي قحافة ، أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بنت عم أبيه، ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر. كان من السابقين إلى الإسلام، وله مكانة عظيمة في قريش، حيث كان من أعلم قريش بأنسابها، ويألفونه كثيرا، وقد استغل هذه المكانة المرموقة في نفوسهم للدعوة إلى الله تعالى، فقد أسلم على يديه مجموعة من أفاضل المهاجرين المشهود لهم بالجنة أمثال الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
اقرأ المزيد
كان رفيقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره، فهو الذي شهد له القرآن بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة في قوله تعالى: “إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إن الله معنا” [التوبة: 40]. بالإضافة إلى إنفاقه ماله في مرضاة الله تعالى، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أَمَنَّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، فلو كنت متخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر”. وهذا لفظ مسلم، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله” قال الترمذي: حديث حسن غريب. وأبو بكر رضي الله عنه أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففي الحديث المتفق عليه: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر، فعد رجالا. وعن محمد بن جبير بن مطعم : “أخبرني أبي أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : ” إن لم تجديني فأتي أبا بكر” متفق على صحته .وقال السدي عن عبد خير عن علي قال : أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين . إسناده حسن .توفي أبو بكر رضي الله عنه يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة 13 هـ وهو ابن 63 عاماً.
من هو عمر بن الخطاب
هو الفاروق عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العُزّى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدّي (رضي الله عنه) ولد في مكة ونشأ بها وحظي في طفولته بما لم بحظ به الكثير من أقرانه من أبناء قريش ، فقد تعلم القراءة والكتابة ولم يكن يجيدها غير سبعة عشر رجلاً في قريش كلها. ولما شبَّ عمر رضي الله عنه كان يرعى في إبل أبيه، وكان يأخذ نفسه بشئ من الرياضة وقد آتاه الله بسطةً من الجسم، فأجاد المصارعة وركوب الخيل، كما اتقن الفروسسية والرماية.
وكان عمر رضي الله عنه كغيره من شباب مكة – قبل الإسلام – محباً للهو والشراب، وقد ورث عن أبيه ميلاً إلى كثرة الزوجات فتزوج في حياته تسع نساء ولدنَ له اثني عشر ولداً(ثمانية بنين وأربع بنات) ، ولم يكن كثير المال إلا أه عُرف بشده اعتداده بنفسه حتى إنه ليتعصّب لرأيه ولا يقبلُ فيه جدلاً.
وعندما جاء الإسلام وبدأت دعوة التوحيد تنتشر، أخذ المتعصبون من أهل مكة يتعرضون للمسلمين ليردوهم عن دينهم، وكان “عمر” من أشد هؤلاء حرباً على الإسلام والمسلمين، ومن أشدهم عداء للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
اقرأ المزيد
إسلام عمر بن الخطاب
وظلَّ “عمر” على حربه للمسلمين وعدائه للنبي (ﷺ) حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ “عمر” يشعر بشيء من الحزن والأسى لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص من “محمد”؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم، وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من “بني زهرة” فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته “فاطمة بنت الخطاب”، وزوجها “سعيد بن زيد بن عمر” (رضي الله عنه)، فأسرع “عمر” إلى دارهما، وكان عندهما “خبَّاب بن الأرت” (رضي الله عنه) يقرئهما سورة “طه”، فلما سمعوا صوته اختبأ “خباب”، وأخفت “فاطمة” الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى حيث النبي (ﷺ) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج إليه النبي (ﷺ)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون. وقد أخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللّهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام. فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه. وقد جاء في الرحيق المختوم:روى مجاهد عن ابن عباس قال : سألت عمر بن الخطاب : لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال : أسلم حمزة قبلى بثلاثة أيام ـ ثم قص عليه قصة إسلامه . وقال في آخره : قلت ـ أي حين أسلمت : يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : ( بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم ) ، قال : قلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إلىّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الفاروق ) يومئذ. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر. وعن صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه قال : لما أسلم عمر ظهر الإسلام.. وعن عبد الله بن مسعود قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر .أما الجهر بالدعوة فكان قبل ذلك.
هجرة عمر بن الخطاب إلى المدينة
كان إسلام “الفاروق” عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل “عمر” في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى “المدينة” فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: “من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي”.
وفي “المدينة” آخى النبي (ﷺ) بينه وبين “عتبان بن مالك” وقيل: “معاذ بن عفراء”، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة، من شخصية “عمر”، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في “المدينة”.
موافقة القرآن لرأي عمر بن الخطاب
تميز “عمر بن الخطاب” بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته الشديدة على الإسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي ـ ﷺ ـ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53].وقوله لنساء النبي (ﷺ) وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.
ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي “عمر” في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (ﷺ) يقول: “جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه”.
وروي عن ابن عمر: “ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه.
الفاروق عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين
توفي النبي (ﷺ) وتولى الصديق “أبو بكر”، خلافة المسلمين، فكان عمر بن الخطاب، وزيره ومستشاره الأمين، وحمل عنه عبء القضاء فقام به خير قيام، وكان “عمر” يخفي وراء شدته، رقة ووداعة ورحمة عظيمة، وكأنه يجعل من تلك الشدة والغلظة والصرامة ستارًا يخفي وراءه كل ذلك الفيض من المشاعر الإنسانية العظيمة التي يعدها كثير من الناس ضعفًا لا يليق بالرجال لا سيما القادة والزعماء، ولكن ذلك السياج الذي أحاط به “عمر” نفسه ما لبث أن ذاب، وتبدد بعد أن ولي خلافة المسلمين عقب وفاة الصديق.
بويع أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة “أبي بكر الصديق” [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].
الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق عمر بن الخطاب
لم تتحقق الدولة الإسلامية بصورتها المثلى في عهد أيٍّ من عهود الخلفاء والحكام مثلما تحققت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جمع بين النزاهة والحزم، والرحمة والعدل، والهيبة والتواضع، والشدة والزهد. ونجح الفاروق (رضي الله عنه) في سنوات خلافته العشر في أن يؤسس أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، فقامت دولة الإسلام، بعد سقوط إمبراطورتي “الفرس” و ”الروم” – لتمتد من بلاد فارس وحدود الصين شرقًا إلى مصر وإفريقية غربًا، ومن بحر قزوين شمالا إلى السودان واليمن جنوبًا، لقد استطاع “عمر” (رضي الله عنه) أن يقهر هاتين الإمبراطوريتين بهؤلاء العرب الذين كانوا إلى عهد قريب قبائل بدوية، يدبُّ بينها الشقاق، وتثور الحروب لأوهى الأسباب، تحرِّكها العصبية القبلية، وتعميها عادات الجاهلية وأعرافها البائدة، فإذا بها – بعد الإسلام – تتوحَّد تحت مظلَّة هذا الدين الذي ربط بينها بوشائج الإيمان، وعُرى الأخوة والمحبة، وتحقق من الأمجاد والبطولات ما يفوق الخيال، بعد أن قيَّض الله لها ذلك الرجل الفذّ الذي قاد مسيرتها، وحمل لواءها حتى سادت العالم، وامتلكت الدنيا.
فقد بدأ الخليفة الجديد (عمر بن الخطاب) يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي” الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن “أبا عبيدة” لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين “في موقعة الجسر” سعى “المثنى بن حارثة” إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم “المثنى” بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر “البويب” الذي سميت به تلك المعركة.
ووصلت أنباء ذلك النصر إلى “الفاروق” في “المدينة”، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه (خاصةً عبدالرحمن بن عوف) أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له “سعد بن أبي وقاص” فأمره “عمر” على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في “القادسية”.وأرسل “سعد” وفدًا من رجاله إلى “بروجرد الثالث” ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في “القادسية”، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده “رستم”، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت “العراق” إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.
الطريق من المدائن إلى نهاوند
أصبح الطريق إلى “المدائن” عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر “دجلة” واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل “سعد” القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل “سعد” إلى “عمر” يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.
بعد فرار ملك الفرس من “المدائن” اتجه إلى “نهاوند” حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى “نهاوند”، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه “فتح الفتوح”.
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في “القادسية” ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن “عمرو بن العاص” من فتح “مصر” في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة “أرطبون” ثم حاصر “حصن بابليون” حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى “الإسكندرية” ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت “مصر” كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
وكان فتح “مصر” سهلاً ميسورًا، فإن أهل “مصر” ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.
عمر بن الخطاب أمير المؤمنين
كان “عمر بن الخطاب” نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أسلم أنه ” خرج عمر إلى حرة (صحراء) وأنا معه ، حتى إذا كنا بصرار إذا نار تسعر. فقال : انطلق بنا إليهم ، فهرولنا حتى دنونا منهم ، فإذا بامرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة على نار وصبيانها يتضاغون ، فقال عمر : السلام عليكم يا أصحاب الضوء ، وكره أن يقول يا أصحاب النار قالت وعليك السلام ، قال أدنوا ؟ قالت : ادنُ بخير أو دع ، فدنا فقال : مابالكم ؟ قالت : قصُر بنا الليل والبرد ، قال : فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون ؟ قالت : من الجوع ، قال : وأي شئ في هذه القدر؟ قالت : مالي ما أُسكتهم به حتى يناموا، فأنا أعللهم وأوهمهم أني أُصلح لهم شيئاً حتى يناموا ، الله بيننا وبين عمر ! قال : أي حمك الله ، ما يدري بكم عمر ؟ قالت : يتولى أمرنا و يغفل عنا ! فقال فأقبل علي وقال : انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق ، فأخرج عدلا فيه كبة شحم فقال : احمله على ظهري ، قال أسلم : فقلت : أنا أحمله عنك مرتين أو ثلاثاً ، فقال له عمر: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك! فحملته عليه ، فانطلق وانطلقتُ معه نُهرول حتى انتهينا إليها ، فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئاً، فجعل يقول لها : ذري علي وانا أحرك لك ، وجعل ينفخ تحت القدر ، وكان ذا لحية عظيمة ، فجلعت أنظر إلى الدخان من خلال لحيته حتى أنضج ثم انزل القدر ، فأتته بصحفة فأفرغها فيها ثم قال : أطعميهم وأنا أسطح لك ، فلم يزل حتى شبعوا ، ثم خلى عندها فضل ذلك ، فقام وقمتُ معه فجعلت تقول: جزاك الله خيراُ ، أنت أولى به بهذا الأمر من أمير المؤمنين فيقول : قولي خيراً، فإنكِ إذا جئتِ أمير المؤمنين وجدتني هناك -إن شاءالله- ثم تنحى ناحية ، ثم استقبلها وربض لا يُكلمني حتى رأى الصبية يضحكون ويصطرعون ، ثم ناموا وهدأوا ، فقام وهو يحمد الله، فقال : يا أسلم ، الجوع أسهرهم وأبكاهم ، فأحببتُ ألا أنصرف حتى ارى ما رأيت منهم “.
وكان “عمر” عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئا.
وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.
وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها.
عدل عمر بن الخطاب وورعه
كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: “والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق”.وكان “عمر” إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.
واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.
إنجازات عمر بن الخطاب الإدارية والحضارية
وقد اتسم عهد الفاروق “عمر” بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي ،فإن أول من أرخ بالهجرة في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: ابدأووا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه. كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه “تمصير الأمصار”، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (ﷺ) في عهده، فأدخل فيه دار “العباس بن عبد المطلب”، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.
وفي فجر يوم الأربعاء [ 26 من ذي الحجة 23 هـ: 3 من نوفمبر 644م] بينما كان الفاروق يصلي بالمسلمين ـ كعادته ـ اخترق “أبو لؤلؤة المجوسي” صفوف المصلين شاهرًا خنجرًا مسمومًا وراح يسدد طعنات حقده الغادرة على الخليفة العادل “عمر بن الخطاب” حتى مزق أحشاءه، فسقط مدرجًا في دمائه وقد أغشي عليه، وقبل أن يتمكن المسلمون من القبض على القاتل طعن نفسه بالخنجر الذي اغتال به “عمر” فمات من فوره ومات معه سر جريمته البشعة الغامضة، وفي اليوم التالي فاضت روح “عمر” بعد أن رشح للمسلمين ستة من العشرة المبشرين بالجنة ليختاروا منهم الخليفة الجديد.
من هو عثمان بن عفان

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي. ولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح.
أبوه: عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب لحاً. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه.
أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي ﷺ، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول.
لُقب رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي ﷺ رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، حيث زوجه النبي ﷺ ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم. وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.
اقرأ المزيد
صفات عثمان رضي الله عنه:
كان عثمان رضي الله عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كثّ اللحية عظيمها، عظيم الكراديس (كل عظمتين التقتا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع (رجل الشديد)، أروح الرجلين (يتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه)، أقني (أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وحدب في وسطه)، خدل الساقين (أي ضخم الساقين)، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته أسفل من أذنيه (الجمة: مجتمع شعر الرأس)، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.
كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.
يقول عن نفسه رضي الله عنه: “مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ”.
إسلام عثمان بن عفان:
زواج عثمان من بنات النبي صلى الله عليه وسلم :
أبناء عثمان بن عفان:
توليه الخلافة بعد عمر رضي الله عنه:
مصحف عثمان والفتوحات في عهده:
خُلُق عثمان بن عفان وحياءه وعبادته:
إدارة عثمان بن عفان للدولة الإسلامية:
استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه :
من هو علي بن أبي طالب

لي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. يرجع نسبه إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. وهو ابن عم الرسول ﷺ.
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. أسلمت وهاجرت إلى المدينة المنورة، تُوفِّيت في حياة رسول الله ﷺ، فصلّى عليها، ونزل في قبرها، وأثنى عليها رحمها الله.
إخوته: من الذكور طالب، وعقيل، وجعفر. ومن الإناث هند المعروفة بأم هاني، وجمانة، وريطة المكنات بأم طالب وأسماء.
اقرأ المزيد
مولده ونسبه:
هو أصغر ولد أبيه أبي طالب بن عبد المطلب أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها. يرجع نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم.
أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. ووالده قد كفلا رسول الله حين توفي والداه وجدّه عبد المطلب، فتربى ونشأ في بيتهما.
لا يُعرف يقينا متى وُلد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لكن بحسب بعض المصادر فإنه ولد بمكة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين عامًا من عام الفيل. هو أصغر أبناء أبيه أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم عم الرسول ﷺ. أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها. وكان قد كفل الرسول ﷺ حين توفي والداه وجده وهو صغير فتربى ونشأ في بيته.
أين تربّى علي بن أبي طالب “كرَّم اللهُ وجهه”:
تكفّل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمةٌ شديدةٌ تضرّر الناس بسببها، وكان أبو طالب كثير الأولاد، فأتاه النبي مع العباس، ليكفل كلٌّ منهما أحد أبنائه، فيُخفّفا عنه ضيقه؛ فكَفِلَ العباس جعفر، وكَفِلَ النبي علياً.
وتربّى في بيت النبي ﷺ وكان ملازماً له أينما ذهب، فكان يذهب معه إلى غار حراءللتعبد والصلاة، كما يُذكر أنه كان قبل الإسلام حنفيا لم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول المسلمون “كرّم الله وجهه” بعد ذكر اسمه، وقيل لأنه لم ينظر لعورة أحد قط.
إسلام علي بن أبي طالب:
أسلم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو صغير، بعد أن عرض النبي محمد ﷺ الإسلام على أقاربه من بني هاشم. تنفيذاً لما جاء في القرآن الكريم. ورد في بعض المصادر أن محمداً ﷺ قد جمع أهله وأقاربه على وليمة، وعرض عليهم الإسلام، وقال أن من يؤمن به سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحد إلا علياً رضي الله عنه. سمي هذا الحديث حديث يوم الدار أو إنذار يوم الدار والله تعالى أعلم.
و في رواية عن أنس بن مالك: “بعث النبي ﷺ يوم الاثنين، وأسلم علي يوم الثلاثاء”، والله تعالى أعلم.
في جميع الأحوال والمتفق عليه أنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أول من أسلم من الصبيان ومن السابقين إلى الإسلام. ذهب البعض مثل ابن اسحاق إلى أنه أول الذكور إسلاما، وإن اعتبر آخرون مثل الطبري أن أبا بكر هو أول الرجال إسلاماً مستندين إلى روايات تقول أن عليا لم يكن راشدا حين أسلم، فالروايات تشير إلى أن عمره حين أسلم يتراوح بين تسعة أعوام و ثمانية عشر عام، وفي رواية أوردها الذهبي في تاريخه: “أول رجلين أسلما أبو بكر وعلي وإن أبا بكر أول من أظهر الإسلام وكان علي يكتم الإسلام فرقا من أبيه”. كما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من صلى مع النبي محمد ﷺ وزوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بعد الإسلام.
هجرته إلى المدينة وفدائه للنبي صلى الله عليه وسلم :
علي بن أبي طالب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
صفات علي رضي الله عنه وأخلاقه:
شجاعته وقوّته في القتال:
خلافة علي بن أبي طالب وإدارته للدولة الإسلامية:
حكم وأقوال مأثورة عن الإمام علي بن أبي طالب كّرم الله وجهه:
استشهاده رضي الله عنه:
من هو طلحة بن عبيد الله

طلحة بن عبيد الله ليس فقط أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله ﷺ بالجنة، بل هو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر رضي الله عنه، وأحد الستة أهل الشورى الذين تُوُفِّي رسول الله ﷺ وهو راض عنهم، وأحد الذين كانوا مع رسول الله ﷺ على الجبل فتحرَّك بهم.
هو أبو محمد طلحة بن عبيدالله بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي ويُدعى ب ( طلحة الخير ) و ( طلحة الفياض ) و ( طلحة الجود أو الجواد )، ولد قبل بعثة النبي ب 15 سنة في مكة المكرمة ، وعمل بالتجارة فكان يذهب إلى الشام لشراء البضائع، ويعود بها إلى مكة لبيعها في أسواق مكة.
كان طلحة بن عبيد الله من سادة ووجهاء قريش، وكان تاجرا وثريا، ويطلق عليه أسد قريش لقوته. نزل في طلحة بن عبيد الله قول الله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً* لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً)، (سورة الأحزاب: الآيات 23 – 24)، تلا رسول الله ﷺ هذه الآية، ثم أشار إلى طلحة في غزوة أحد قائلاً: “من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة”.
اقرأ المزيد
إسلام طلحة بن عبيدالله:
مناقب طلحة رضي الله عنه:
بُشرى النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة:
فضائل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:
استشهاده رضي الله عنه:
من هو الزبير بن العوام

أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، من أوائل الصحابة وكبارهم. تكنى بعبد الله وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب، عمّة رسول الله تكنيه بأبي الطاهر، بكنية أخيها الزبير ابن عبد المطلب. والزبير بن العوام هو ابن أخ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وزوجته أسماء بنت أبي بكر، وله العديد من الأولاد الذكور سمى عشرة منهم بأسماء صحابة استشهدوا، وهم عبد الله ومصعب وعروة والمنذر وعمر، وعبيد وجعفر وعامر وعميرة وحمزة، وأسماء بناته خديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة وحبيبة وسودة وهند ورملة وخديجة الصغرى.
والصحابي الجليل الزبير بن العوام ليس مجرد صهر لأول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق أو ابن عمة رسول الله، أو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فهو “حواري النبي” ﷺ، ومن الستة الذين قال عنهم عمر بن الخطاب إن الرسول توفي وهو راضٍ عنهم.
اقرأ المزيد
مولد الزبير بن العوام ونشأته:
وُلد الزبير بن العوام في مكة، وتوفي والده وهو صغير، فتربى في كنف ورعاية أمِّه السيدة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها وكانت تربيه تربية حازمة، كي يكون مقاتلا شجاعا، يستطيع أن يدافع عن قومه، كي يكون عوضا عن أبيه الذي قتل في حرب الفجار قبل الإسلام. وعندما بلغ عمر الزبير ست عشرة سنة أسلم وصار من أوائل من دخلوا في الإسلام، وتعرَّض للابتلاء في أول إسلامه، حيث تعرَّض لتعذيبٍ شديدٍ في سبيل دينه، وكان الذي تولى تعذيبه عمه، كان يلفه في حصير، ويدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه، ويناديه وهو تحت وطأة العذاب: أكفر بربِّ محمد أدرأ عنك العذاب، فيجيبُه الزبير في تحد رهيب: والله لا أعود لكفر أبدا.
تزوج الزبير من “ذات النطاقين”، السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق أول أصحاب الرسول محمد ﷺ، وهاجر مرتين، الأولى إلى الحبشة والأخرى إلى يثرب، وبعد هجرته الأخيرة إلى المدينة المنورة، رزقه الله بمولوده الأول عبدالله بن الزبير، وكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة.
الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الزبير أول من سلّ سيفه في سبيل الله:
الزبير بن العوام في الغزوات:
غيرة الزبير رضي الله عنه:
فتح مصر :
الزبير في عهد الخلفاء الراشدين واستشهاده:
من هو سعد بن أبي وقاص

هو سعد بن أبي وقاص مالك الزهري القرشي, أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام ، فقيل ثالث من أسلم وقيل السابع، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وقال له النبي – صلى الله عليه وسلم- ” ارمِ فداك أبي وأمي ” ، وهو من أخوال النبي، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتز بهذه الخؤولةفقد ورد أنه كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه: ” هذا خالي فليرني أمرؤ خاله “ ،وهو وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.
هاجر سعد إلى المدينة المنورة، وشهد المشاهد كلها مع النبي، وكان من الرماة الماهري، استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي سيرها لقتال الفرس، فانتصر عليهم في معركة القادسية، وأرسل جيشاً لقتال الفرس بجلولاء فهزمهم.
وهو الذي فتح مدائن كسرى بالعراق، فكان من قادة الفتح الإسلامي لفارس، وكان من أول ولاة الكوفة، حيث قام بإنشائها بأمر من عمر سنة 17 هجرية ، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: ” هم الذين توفى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو عنهم راضٍ” ، اعتزل سعد الفتنة بين علي ومعاوية، وتوفى في سنة 55 هجرية بالعقيق ودفن في المدينة.
اقرأ المزيد
إسلام سعد بن أبي وقاص:
جاء في سبب إسلامه أنه رأى رؤيا تحثه على الإسلام، فعن ابنته عائشة أنه قال: “رأيت في المنام قبل أن أسلم كأني في ظلمة لا أبصر شيئا إذ أضاء لي قمر فاتبعته، فكأني أنظر إلى من سبقني إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علي بن أبي طالب وإلى أبي بكر وكأني أسألهم: متى انتهيتم إلى ههنا؟ قالوا: الساعة، وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الإسلام مستخفيا، فلقيته في شعب أجياد وقد صلى العصر فأسلمت، فما تقدمني أحد إلا هم”.
وكان أبو بكر يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه، فكان سعد ممن دعاهم، وكانت أم سعد معارضة لإسلامه، حيث لما علمت بإسلامه هددته بأنها لن تأكل وتشرب حتى تموت، لكي تجعله يرجع عن الإسلام، فرفض سعد ذلك وأصر على الإسلام، فيقول: نزلت هذه الآية في {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} (لقمان: 15).
هجرته إلى المدينة:
كان سعد من المهاجرين الأوائل إلى المدينة، حيث كانت هجرته قبل قدوم النبي، فعن البراء بن عازب قال “أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرآن الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في 20 من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم”.
ولما هاجر سعد مع أخيه عمير بن أبي وقاص من مكة إلى المدينة نزلا في منزل لأخيهما عتبة بن أبي وقاص كان بناه في بني عمرو بن عوف، حيث كان عتبة أصاب دما بمكة فهرب فنزل في بني عمرو بن عوف، وكان ذلك قبل البعثة النبوية.
معاركه:
شهد سعد بن أبي وقاص جميع الغزوات مع النبي، فشهد غزوة بدر، وغزوة أحد وثبت فيها حين ولى الناس، وشهد غزوة الخندق وبايع في الحديبية وشهد خيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذ إحدى رايات المهاجرين الثلاث، وكان من الرماة الماهرين، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان أحد الفرسان الذين كانوا يحرسون النبي في مغازيه، وذلك في سرية عبيدة بن الحارث في شوال على رأس 8 أشهر من الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان.
غزوة بدر:
شهد سعد غزوة بدر، وأرسله النبي في بداية المعركة مع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ونفر من أصحابه إلى ماء بدر، ليأتوا له بالأخبار عن جيش قريش، فوجدوا غلامين لقريش يستقيان للجيش، فأتوا بهما إلى النبي وهو يصلي، فسألوهما، فقالا: “نحن سقاة قريش، بعثونا لنسقيهم من الماء”، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما، فلما أذلقوهما قالا: “نحن لأبي سفيان” فتركوهما، وركع النبي وسجد سجدتين، ثم سلم، فقال: “إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما! صدقا والله، إنهما لقريش”، وقال لهما: “أخبراني عن جيش قريش”، فقالا: “هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى”، فقال لهما: “كم القوم؟”، قالا: “كثير”، قال: “ما عدتهم؟”، قالا: “لا ندري”، قال: “كم ينحرون كل يوم؟”، قالا: “يوما تسعا ويوما عشرا”، فقال النبي: “لقوم ما بين التسعمائة والألف”.
ولما بدأت المعركة أبلى سعد بلاء حسنا، روى الإمام أحمد في مسنده عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاص، وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “اذهب فاطرحه في القبض” قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي، وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذهب فخذ سيفك”. وروى أن سعدا قد أسر أسيرين يوم بدر.
وفاته:
كان آخر المهاجرين وفاة، ولما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة له من صوف، فقال: “كفنوني فيها، فإني كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي علي، وإنما كنت أخبئها لذلك”، فكانت وفاته في عهد معاوية بن أبي سفيان سنة 55 هجرية، فحمل إلى المدينة على رقاب الرجال، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة.
من هو سعيد بن زيد
كثير من المسلمين لا يعرف سيرة الصحابي الجليل سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي ببشارة النبي ﷺ قد ضمن مقعده في الجنة مبكرا.كيف لا وهو من السباقين للإسلام وأشد المدافعين، وكان سببا في إسلام عمر بن الخطاب.
سعيد بن زيد كان من السابقين الأولين، أسلم قبل أن يدخل النبي ﷺ دار الأرقم بن أبي الأرقم، وشهد المشاهد كلها بعد بدر مع النبي، وشهد اليرموك وحصار دمشق وفتحها، وولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح.
كان سعيد قائد سلاح الفرسان، وهو الذي أشار على خالد بن الوليد ببدء القتال معركة أجنادين، وهو لم يهاجر إلى الحبشة، حيث كان من أشراف قريش وساداتهم، فلم يكن ليناله من العذاب ما ينال غيره من المستضعفين، لكنه كان وزوجته فاطمة من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة.
اقرأ المزيد
من هو سعيد بن زيد:
هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي كان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل أحد الحنفاء الذين طلبوا دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قبل أن يبعث النبي عليه الصلاة والسلام، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم وكان يقول لقومه: يا معشر قريش والله لا آكل ما ذبح لغير الله، والله ما أحد على دين إبراهيم غيري .
ولد سعيد بن زيد قبل البعثة النبوية ببضع عشرة سنة، لأنه مات سنة إحدى وخمسين للهجرة، وعمره بضع وسبعون سنة، وقيل أنه مات وله ثلاث وسبعون سنة، فحينذ يكون مولده قبل البعثة بثلاث عشرة سنة، كان سعيد يُكنى أَبا الأَعور، وقيل: أَبو ثور، والأول أشهر، وقال أهل التاريخ: كان سعيد بن زيد رجلا آدمَ طَوَالًا أَشْعَرَ.
تزوج الصحابي الجليل سعيد بن زيد من فاطمة بنت الخطاب، رضي الله عنها، شقيقة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب، وتزوّج عمر عاتكة أخت سعيد، وكان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل من الأحناف في الجاهلية، فلم يسجد لغير الله في جاهليته.
أم سعيد بن زيد فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية كانت من السابقين إلى الإسلام وهو ابن عم عمر بن الخطاب وصهره.
أما والده، فيروي البخاري عن عبد الله بن عمر: “أن زيد خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب اللَّه، ولا أحمل من غضب اللّه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟ فهل تدلّني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيفُ؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا اللَّه. فخرج زيد فلقي عالماً من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة اللَّه، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئاً أبداً، وأنَّى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، ولا يعبد إلا الله. فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السَّلام خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم”.
رضي الله عن سعيد كان أبوه زيد بن عمرو قبل الإسلام، باحثا عن الحق، ورغم ذلك لم يدرِك زيدٌ الإسلام ومات قبل البعثة، لكن الله أدَّخَر له من يخلِّد اسمه وهو ولدُه سعيد رضي الله عنه حيث كان من السَّابقين للإسلام.
أخلاق وصفات سعيد بن زيد :
كان سعيد بن زيد مُجاب الدعوة، من ذلك أن أروى بنت أويس شكتْهُ إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة لمعاوية، وقالت: إنه ظلمني أرضي، فأرسل إليه مروان، فقال سعيد: “أتروني ظلمتُها وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: “من ظلم شبرا من أرض طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين”؟! اللهم إن كانت كاذبة، فلا تُمِتْها حتى تُعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئرها”، فلم تَمُت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها فوقعَت في بئرها فكانت قبرها.
وكان سعيد يبلي بلاء حسنا في المعارك وملازمًا للنبي محمد ﷺ، فعن سعيد بن جبير: “كان مقام أَبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في القتال ووراءَه في الصلاة”.
ولم يهاجر سعيد إلى الحبشة، حيث كان من أشراف قريش وساداتهم، فلم يكن يناله من العذاب ما ينال غيره من المستضعفين، وكان وزوجته فاطمة من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة.
وكان سعيد قائد سلاح الفرسان، وهو الذي أشار على خالد بن الوليد ببدء القتال معركة أجنادين، وتُوُفي بالعقيق سنة 51 للهجرة، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وحُمِل إلى المدينة، وغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه.
منزلة وفضل سعيد بن زيد:
يعد سعيد بن زيد من الشخصيات المبجلة في الإسلام خاصة عند أهل السنة والجماعة، حيث يرون أنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، وأنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن المهاجرين الأولين، شهد بدرا بسهمه وأجره، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وأنه كان مجاب الدعوة، وأن أبوه زيد بن عمرو بن نفيل كان حنيفيا على ملة إبراهيم، وقد وردت أحاديث وآثار عديدة تبين فضل سعيد ومكانته، منها:
ما رواه البخاري بإسناده إلى قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم في مسجد الكوفة يقول: (والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحداً أرفض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفض) . وفي هذا بيان فضيلة ظاهرة لسعيد بن زيد -رضي الله عنه- وهي أنه كان ممن حظي بشرف السبق إلى الإسلام وأن إسلامه كان قبل إسلام الفاروق -رضي الله عنه-.
ومن مناقبه العالية شهادة النبي ﷺ له بالجنة مع جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ أخبر بأنه من الشهداء. وفي هذا فضيلة عظيمة لسعيد بن زيد حيث شهد له النبي بالشهادة وإن مات على فراشه فهو شهيد لخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بذلك.قال الشوكاني رحمه الله تعالى مبيناً فضل سعيد بن زيد -رضي الله عنه- “ويكفي سعيد بن زيد أنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأنه شهد أحداً وما بعده من المشاهد كلها وصار من جملة أهل بدر بما ضربه له رسول الله ﷺ من السهم والأجر”.
روايته للحديث:
كان سعيد مُقلا في رواية الحديث النبوي، فروى ثمانية وأربعين حديثا جمعها بقي بن مخلد في مسنده، وله في صحيحي البخاري ومسلم حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديث ثالث، وله في مسند أحمد بن حنبل ثمانية وعشرون حديثًا، وروى عنه من الصّحابة: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، ومن كبار التابعين: أبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي البصري، وسعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم، عبد اللّه بن ظالم المازني، وزِرُّ بن حبيش، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وغيرهم.
ومن الأحاديث التي رواها سعيد ما رواه عن النبي أنه قال: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن ظلم من الأرض شبرًا طوقه من سبع أرضين”، كما أنه من رواة حديث العشرة المبشرين بالجنة فقال: “أشهد أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: “رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم بالعاشر، ثم ذكر نفسه.
قصة سعيد بن زيد مع “الفاروق”:
كان سعيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب، حيث كان عمر في بداية الأمر شديد العداء للإسلام، وكان يريد أن يقتل النبي. فعندما خرج عمر بن الخطاب قبل إسلامه يحمل سيفه يريد قتل النبي -ﷺ- لقيه بعض كفار قريش وأخبروه أنّ أخته وزوجها صارا على دين محمد، فغير وجهته حتى أتاهما، فوجد خباب بن الأرت عندهما يتلو آياتٍ من سورة طه، فلما سألهما عن إسلامهما، وقف له سعيد بن زيد – رضي الله عنه- مدافعا عن الحق الذي جاء به الإسلام، فضربه عمر ضربا شديدا، فلحقت به فاطمة ودفعته عن زوجها، فلطمها على وجهها حتى سال الدم منها، فغضبت وأعلنت أمامه أمر إسلامها ناطقة بالشهادتين.
فلما يأس عمر منهما، وجد الصحيفة التي كانوا يتلون منها الآيات، فطلبها، فأخبرته فاطمة بوجوب أن يتطهر قبل أن يلمسها، ففعل، فأخذ يقرأ فيها حتى وصل قوله -تعالى-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فأنار الله قلبه للإسلام ونطق الشهادتين. ففرح سعيد وزوجته وأخبراه أنها دعوة النبي -ﷺ-، حين قال: “اللَّهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام، وإما عمر بن الخطاب”، فسأل عن مكان النبي فأخبراه بمكانه -ﷺ-، فذهب ولم يكن يعلم أحد بعد بإسلامه، وأعلن إسلامه بين يدي النبي -ﷺ-، وهكذا كان سعيد بن زيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم جميعا.
ومما قاله سيدنا سعيد بن زيد عن إسلامه وثباته وأسبقيته في الإسلام رضي الله عنه : “والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام أنا وأخته، قبل أن يسلم عمر”.
في عداد البدريين ولم يشهد بدر:
شهد سعيد بن زيد جميع المشاهد والغزوات مع النبي إلا غزوة بدر، فشهد غزوة أحد والخندق وبيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد، وكان يبلي بلاء حسنا في هذه الغزوات. فمنذ أن أسلم رضي الله عنه لم يترك رسول الله ﷺ وشارك في كل غزواته وأيامه، إلا أنه في غزوة بدر كان قد أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مهمة استطلاعية عن الأعداء فرجع منها بعد انتهاء الغزوة، فأحزنه ذلك أنه لم يشترك في هذه الغزوة الأولى مع رسول الله، لكن رسول الله ﷺ طيَّب خاطره وضرب له بسهمه في الغزوة كمن اشترك فيها، فسأل سعيد النبي وقال: وأجري؟ قال: “وَأَجْرُكَ”، لذلك اعتبر في عداد البدريين رغم أنه لم يشترك فيها.
وفي باقي الغزوات كان ملازما لرسول الله ﷺ، فعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كان مقام أبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن ابن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القتال ووراءه في الصلاة.
سعيد بن زيد زمن الخلافة :
ظل سعيد بن زيد رضي الله عنه تحت إمرة الخلفاء الراشدين ولم يشترك في أي فتنة ضدهم حتى استشهد سيدنا عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم فبايع بعد علي ولده الحسن عليهما السلام، ثم معاوية رضي الله عنه.
وعندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، كان سعيد بن زيد رضي الله عنه في مقدمة الصحابة الذين توجهوا للقتال في بلاد الشام، ولم يكن أميرا، بل كان من ضمن الجنود، لكنه شارك في معركة اليرموك وكان من قادتها، بل إن أبا عبيدة رضي الله عنه قائد الجيش بناء على خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه تأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله، لكي إذا رآه المنهزم استحى منه ورجع إلى القتال، فجعل أبو عبيدة مكانه في القلب سعيد بن زيد.
وفاته:
فاضت روحه الطاهرة سنة 51 من الهجرة في خلافة معاوية، ودفن بالمدينة المنورة مع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فغسَّله عبد الله بن عمر رضي الله عنه ودفنه ونزل قبره هو و سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وحزن أهل المدينة عليه جدا إذ كان أحد العشرة المبشرين بالجنة.
من هو عبدالرحمن بن عوف
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
اقرأ المزيد
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
من هو أبو عبيدة عامر بن الجراح
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
اقرأ المزيد
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
من هو أبو بكر الصديق
خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عبد الله بن عثمان بن عامر القرشي التيمي نسبة إلى بني تيم بن مرة، والده يلقب بأبي قحافة ، أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بنت عم أبيه، ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر. كان من السابقين إلى الإسلام، وله مكانة عظيمة في قريش، حيث كان من أعلم قريش بأنسابها، ويألفونه كثيرا، وقد استغل هذه المكانة المرموقة في نفوسهم للدعوة إلى الله تعالى، فقد أسلم على يديه مجموعة من أفاضل المهاجرين المشهود لهم بالجنة أمثال الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
اقرأ المزيد
كان رفيقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حضره وسفره، فهو الذي شهد له القرآن بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة في قوله تعالى: “إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إن الله معنا” [التوبة: 40]. بالإضافة إلى إنفاقه ماله في مرضاة الله تعالى، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أَمَنَّ الناس عليّ في ماله وصحبته أبو بكر، فلو كنت متخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر”. وهذا لفظ مسلم، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله” قال الترمذي: حديث حسن غريب. وأبو بكر رضي الله عنه أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففي الحديث المتفق عليه: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، فقلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر، فعد رجالا. وعن محمد بن جبير بن مطعم : “أخبرني أبي أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : ” إن لم تجديني فأتي أبا بكر” متفق على صحته .وقال السدي عن عبد خير عن علي قال : أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين . إسناده حسن .توفي أبو بكر رضي الله عنه يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة 13 هـ وهو ابن 63 عاماً.
من هو عمر بن الخطاب
هو الفاروق عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العُزّى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدّي (رضي الله عنه) ولد في مكة ونشأ بها وحظي في طفولته بما لم بحظ به الكثير من أقرانه من أبناء قريش ، فقد تعلم القراءة والكتابة ولم يكن يجيدها غير سبعة عشر رجلاً في قريش كلها. ولما شبَّ عمر رضي الله عنه كان يرعى في إبل أبيه، وكان يأخذ نفسه بشئ من الرياضة وقد آتاه الله بسطةً من الجسم، فأجاد المصارعة وركوب الخيل، كما اتقن الفروسسية والرماية.
وكان عمر رضي الله عنه كغيره من شباب مكة – قبل الإسلام – محباً للهو والشراب، وقد ورث عن أبيه ميلاً إلى كثرة الزوجات فتزوج في حياته تسع نساء ولدنَ له اثني عشر ولداً(ثمانية بنين وأربع بنات) ، ولم يكن كثير المال إلا أه عُرف بشده اعتداده بنفسه حتى إنه ليتعصّب لرأيه ولا يقبلُ فيه جدلاً.
وعندما جاء الإسلام وبدأت دعوة التوحيد تنتشر، أخذ المتعصبون من أهل مكة يتعرضون للمسلمين ليردوهم عن دينهم، وكان “عمر” من أشد هؤلاء حرباً على الإسلام والمسلمين، ومن أشدهم عداء للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
اقرأ المزيد
إسلام عمر بن الخطاب
وظلَّ “عمر” على حربه للمسلمين وعدائه للنبي (ﷺ) حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ “عمر” يشعر بشيء من الحزن والأسى لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص من “محمد”؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم، وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من “بني زهرة” فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته “فاطمة بنت الخطاب”، وزوجها “سعيد بن زيد بن عمر” (رضي الله عنه)، فأسرع “عمر” إلى دارهما، وكان عندهما “خبَّاب بن الأرت” (رضي الله عنه) يقرئهما سورة “طه”، فلما سمعوا صوته اختبأ “خباب”، وأخفت “فاطمة” الصحيفة، فدخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى حيث النبي (ﷺ) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج إليه النبي (ﷺ)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟ فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون. وقد أخرج الطبراني عن ابن مسعود وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللّهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام. فكان أحبهما إلى الله عمر رضي الله عنه. وقد جاء في الرحيق المختوم:روى مجاهد عن ابن عباس قال : سألت عمر بن الخطاب : لأي شيء سميت الفاروق ؟ قال : أسلم حمزة قبلى بثلاثة أيام ـ ثم قص عليه قصة إسلامه . وقال في آخره : قلت ـ أي حين أسلمت : يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا ؟ قال : ( بلى، والذي نفسي بيده، إنكم على الحق وإن متم وإن حييتم ) ، قال : قلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن، فأخرجناه في صفين، حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، له كديد ككديد الطحين، حتى دخلنا المسجد، قال: فنظرت إلىّ قريش وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها، فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الفاروق ) يومئذ. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر. وعن صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه قال : لما أسلم عمر ظهر الإسلام.. وعن عبد الله بن مسعود قال : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر .أما الجهر بالدعوة فكان قبل ذلك.
هجرة عمر بن الخطاب إلى المدينة
كان إسلام “الفاروق” عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل “عمر” في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى “المدينة” فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: “من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي”.
وفي “المدينة” آخى النبي (ﷺ) بينه وبين “عتبان بن مالك” وقيل: “معاذ بن عفراء”، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة، من شخصية “عمر”، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في “المدينة”.
موافقة القرآن لرأي عمر بن الخطاب
تميز “عمر بن الخطاب” بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته الشديدة على الإسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي ـ ﷺ ـ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53].وقوله لنساء النبي (ﷺ) وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.
ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي “عمر” في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (ﷺ) يقول: “جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه”.
وروي عن ابن عمر: “ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه.
الفاروق عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين
توفي النبي (ﷺ) وتولى الصديق “أبو بكر”، خلافة المسلمين، فكان عمر بن الخطاب، وزيره ومستشاره الأمين، وحمل عنه عبء القضاء فقام به خير قيام، وكان “عمر” يخفي وراء شدته، رقة ووداعة ورحمة عظيمة، وكأنه يجعل من تلك الشدة والغلظة والصرامة ستارًا يخفي وراءه كل ذلك الفيض من المشاعر الإنسانية العظيمة التي يعدها كثير من الناس ضعفًا لا يليق بالرجال لا سيما القادة والزعماء، ولكن ذلك السياج الذي أحاط به “عمر” نفسه ما لبث أن ذاب، وتبدد بعد أن ولي خلافة المسلمين عقب وفاة الصديق.
بويع أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة “أبي بكر الصديق” [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].
الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق عمر بن الخطاب
لم تتحقق الدولة الإسلامية بصورتها المثلى في عهد أيٍّ من عهود الخلفاء والحكام مثلما تحققت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جمع بين النزاهة والحزم، والرحمة والعدل، والهيبة والتواضع، والشدة والزهد. ونجح الفاروق (رضي الله عنه) في سنوات خلافته العشر في أن يؤسس أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، فقامت دولة الإسلام، بعد سقوط إمبراطورتي “الفرس” و ”الروم” – لتمتد من بلاد فارس وحدود الصين شرقًا إلى مصر وإفريقية غربًا، ومن بحر قزوين شمالا إلى السودان واليمن جنوبًا، لقد استطاع “عمر” (رضي الله عنه) أن يقهر هاتين الإمبراطوريتين بهؤلاء العرب الذين كانوا إلى عهد قريب قبائل بدوية، يدبُّ بينها الشقاق، وتثور الحروب لأوهى الأسباب، تحرِّكها العصبية القبلية، وتعميها عادات الجاهلية وأعرافها البائدة، فإذا بها – بعد الإسلام – تتوحَّد تحت مظلَّة هذا الدين الذي ربط بينها بوشائج الإيمان، وعُرى الأخوة والمحبة، وتحقق من الأمجاد والبطولات ما يفوق الخيال، بعد أن قيَّض الله لها ذلك الرجل الفذّ الذي قاد مسيرتها، وحمل لواءها حتى سادت العالم، وامتلكت الدنيا.
فقد بدأ الخليفة الجديد (عمر بن الخطاب) يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي” الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن “أبا عبيدة” لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين “في موقعة الجسر” سعى “المثنى بن حارثة” إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم “المثنى” بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر “البويب” الذي سميت به تلك المعركة.
ووصلت أنباء ذلك النصر إلى “الفاروق” في “المدينة”، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه (خاصةً عبدالرحمن بن عوف) أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له “سعد بن أبي وقاص” فأمره “عمر” على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في “القادسية”.وأرسل “سعد” وفدًا من رجاله إلى “بروجرد الثالث” ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في “القادسية”، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده “رستم”، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت “العراق” إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.
الطريق من المدائن إلى نهاوند
أصبح الطريق إلى “المدائن” عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر “دجلة” واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل “سعد” القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل “سعد” إلى “عمر” يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.
بعد فرار ملك الفرس من “المدائن” اتجه إلى “نهاوند” حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى “نهاوند”، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه “فتح الفتوح”.
اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في “القادسية” ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن “عمرو بن العاص” من فتح “مصر” في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة “أرطبون” ثم حاصر “حصن بابليون” حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى “الإسكندرية” ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت “مصر” كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
وكان فتح “مصر” سهلاً ميسورًا، فإن أهل “مصر” ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.
عمر بن الخطاب أمير المؤمنين
كان “عمر بن الخطاب” نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أسلم أنه ” خرج عمر إلى حرة (صحراء) وأنا معه ، حتى إذا كنا بصرار إذا نار تسعر. فقال : انطلق بنا إليهم ، فهرولنا حتى دنونا منهم ، فإذا بامرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة على نار وصبيانها يتضاغون ، فقال عمر : السلام عليكم يا أصحاب الضوء ، وكره أن يقول يا أصحاب النار قالت وعليك السلام ، قال أدنوا ؟ قالت : ادنُ بخير أو دع ، فدنا فقال : مابالكم ؟ قالت : قصُر بنا الليل والبرد ، قال : فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون ؟ قالت : من الجوع ، قال : وأي شئ في هذه القدر؟ قالت : مالي ما أُسكتهم به حتى يناموا، فأنا أعللهم وأوهمهم أني أُصلح لهم شيئاً حتى يناموا ، الله بيننا وبين عمر ! قال : أي حمك الله ، ما يدري بكم عمر ؟ قالت : يتولى أمرنا و يغفل عنا ! فقال فأقبل علي وقال : انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق ، فأخرج عدلا فيه كبة شحم فقال : احمله على ظهري ، قال أسلم : فقلت : أنا أحمله عنك مرتين أو ثلاثاً ، فقال له عمر: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك! فحملته عليه ، فانطلق وانطلقتُ معه نُهرول حتى انتهينا إليها ، فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئاً، فجعل يقول لها : ذري علي وانا أحرك لك ، وجعل ينفخ تحت القدر ، وكان ذا لحية عظيمة ، فجلعت أنظر إلى الدخان من خلال لحيته حتى أنضج ثم انزل القدر ، فأتته بصحفة فأفرغها فيها ثم قال : أطعميهم وأنا أسطح لك ، فلم يزل حتى شبعوا ، ثم خلى عندها فضل ذلك ، فقام وقمتُ معه فجعلت تقول: جزاك الله خيراُ ، أنت أولى به بهذا الأمر من أمير المؤمنين فيقول : قولي خيراً، فإنكِ إذا جئتِ أمير المؤمنين وجدتني هناك -إن شاءالله- ثم تنحى ناحية ، ثم استقبلها وربض لا يُكلمني حتى رأى الصبية يضحكون ويصطرعون ، ثم ناموا وهدأوا ، فقام وهو يحمد الله، فقال : يا أسلم ، الجوع أسهرهم وأبكاهم ، فأحببتُ ألا أنصرف حتى ارى ما رأيت منهم “.
وكان “عمر” عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئا.
وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.
وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها.
عدل عمر بن الخطاب وورعه
كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: “والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق”.وكان “عمر” إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.
واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.
إنجازات عمر بن الخطاب الإدارية والحضارية
وقد اتسم عهد الفاروق “عمر” بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي ،فإن أول من أرخ بالهجرة في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سنة سبع عشرة للهجرة، فقد أخرج الحاكم عن الشعبي أن أبا موسى كتب إلى عمر: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: أرخ بالمبعث، وبعضهم أرخ بالهجرة، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرخوا بها، وذلك سنة سبع عشرة، فلما اتفقوا قال بعضهم: ابدأووا برمضان فقال عمر: بل المحرم، فإنه منصرف الناس من حجهم فاتفقوا عليه. كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه “تمصير الأمصار”، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (ﷺ) في عهده، فأدخل فيه دار “العباس بن عبد المطلب”، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.
وفي فجر يوم الأربعاء [ 26 من ذي الحجة 23 هـ: 3 من نوفمبر 644م] بينما كان الفاروق يصلي بالمسلمين ـ كعادته ـ اخترق “أبو لؤلؤة المجوسي” صفوف المصلين شاهرًا خنجرًا مسمومًا وراح يسدد طعنات حقده الغادرة على الخليفة العادل “عمر بن الخطاب” حتى مزق أحشاءه، فسقط مدرجًا في دمائه وقد أغشي عليه، وقبل أن يتمكن المسلمون من القبض على القاتل طعن نفسه بالخنجر الذي اغتال به “عمر” فمات من فوره ومات معه سر جريمته البشعة الغامضة، وفي اليوم التالي فاضت روح “عمر” بعد أن رشح للمسلمين ستة من العشرة المبشرين بالجنة ليختاروا منهم الخليفة الجديد.
من هو عثمان بن عفان

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي. ولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح.
أبوه: عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب لحاً. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه.
أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي ﷺ، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول.
لُقب رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي ﷺ رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، حيث زوجه النبي ﷺ ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم. وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.
اقرأ المزيد
صفات عثمان رضي الله عنه:
كان عثمان رضي الله عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كثّ اللحية عظيمها، عظيم الكراديس (كل عظمتين التقتا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع (رجل الشديد)، أروح الرجلين (يتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه)، أقني (أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وحدب في وسطه)، خدل الساقين (أي ضخم الساقين)، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته أسفل من أذنيه (الجمة: مجتمع شعر الرأس)، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.
كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.
يقول عن نفسه رضي الله عنه: “مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ”.
إسلام عثمان بن عفان:
زواج عثمان من بنات النبي صلى الله عليه وسلم :
أبناء عثمان بن عفان:
توليه الخلافة بعد عمر رضي الله عنه:
مصحف عثمان والفتوحات في عهده:
خُلُق عثمان بن عفان وحياءه وعبادته:
إدارة عثمان بن عفان للدولة الإسلامية:
استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه :
من هو علي بن أبي طالب

لي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. يرجع نسبه إلى النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. وهو ابن عم الرسول ﷺ.
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. أسلمت وهاجرت إلى المدينة المنورة، تُوفِّيت في حياة رسول الله ﷺ، فصلّى عليها، ونزل في قبرها، وأثنى عليها رحمها الله.
إخوته: من الذكور طالب، وعقيل، وجعفر. ومن الإناث هند المعروفة بأم هاني، وجمانة، وريطة المكنات بأم طالب وأسماء.
اقرأ المزيد
مولده ونسبه:
هو أصغر ولد أبيه أبي طالب بن عبد المطلب أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها. يرجع نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم.
أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، التي قيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. ووالده قد كفلا رسول الله حين توفي والداه وجدّه عبد المطلب، فتربى ونشأ في بيتهما.
لا يُعرف يقينا متى وُلد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لكن بحسب بعض المصادر فإنه ولد بمكة يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين عامًا من عام الفيل. هو أصغر أبناء أبيه أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم عم الرسول ﷺ. أحد سادات قريش والمسؤول عن السقاية فيها. وكان قد كفل الرسول ﷺ حين توفي والداه وجده وهو صغير فتربى ونشأ في بيته.
أين تربّى علي بن أبي طالب “كرَّم اللهُ وجهه”:
تكفّل النبي -عليه الصلاة والسلام- بعلي بعد أن أصابت قريش في إحدى السنوات أزمةٌ شديدةٌ تضرّر الناس بسببها، وكان أبو طالب كثير الأولاد، فأتاه النبي مع العباس، ليكفل كلٌّ منهما أحد أبنائه، فيُخفّفا عنه ضيقه؛ فكَفِلَ العباس جعفر، وكَفِلَ النبي علياً.
وتربّى في بيت النبي ﷺ وكان ملازماً له أينما ذهب، فكان يذهب معه إلى غار حراءللتعبد والصلاة، كما يُذكر أنه كان قبل الإسلام حنفيا لم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول المسلمون “كرّم الله وجهه” بعد ذكر اسمه، وقيل لأنه لم ينظر لعورة أحد قط.
إسلام علي بن أبي طالب:
أسلم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو صغير، بعد أن عرض النبي محمد ﷺ الإسلام على أقاربه من بني هاشم. تنفيذاً لما جاء في القرآن الكريم. ورد في بعض المصادر أن محمداً ﷺ قد جمع أهله وأقاربه على وليمة، وعرض عليهم الإسلام، وقال أن من يؤمن به سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحد إلا علياً رضي الله عنه. سمي هذا الحديث حديث يوم الدار أو إنذار يوم الدار والله تعالى أعلم.
و في رواية عن أنس بن مالك: “بعث النبي ﷺ يوم الاثنين، وأسلم علي يوم الثلاثاء”، والله تعالى أعلم.
في جميع الأحوال والمتفق عليه أنَّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أول من أسلم من الصبيان ومن السابقين إلى الإسلام. ذهب البعض مثل ابن اسحاق إلى أنه أول الذكور إسلاما، وإن اعتبر آخرون مثل الطبري أن أبا بكر هو أول الرجال إسلاماً مستندين إلى روايات تقول أن عليا لم يكن راشدا حين أسلم، فالروايات تشير إلى أن عمره حين أسلم يتراوح بين تسعة أعوام و ثمانية عشر عام، وفي رواية أوردها الذهبي في تاريخه: “أول رجلين أسلما أبو بكر وعلي وإن أبا بكر أول من أظهر الإسلام وكان علي يكتم الإسلام فرقا من أبيه”. كما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول من صلى مع النبي محمد ﷺ وزوجته أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بعد الإسلام.
هجرته إلى المدينة وفدائه للنبي صلى الله عليه وسلم :
علي بن أبي طالب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:
صفات علي رضي الله عنه وأخلاقه:
شجاعته وقوّته في القتال:
خلافة علي بن أبي طالب وإدارته للدولة الإسلامية:
حكم وأقوال مأثورة عن الإمام علي بن أبي طالب كّرم الله وجهه:
استشهاده رضي الله عنه:
من هو طلحة بن عبيد الله

طلحة بن عبيد الله ليس فقط أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله ﷺ بالجنة، بل هو أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر رضي الله عنه، وأحد الستة أهل الشورى الذين تُوُفِّي رسول الله ﷺ وهو راض عنهم، وأحد الذين كانوا مع رسول الله ﷺ على الجبل فتحرَّك بهم.
هو أبو محمد طلحة بن عبيدالله بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي ويُدعى ب ( طلحة الخير ) و ( طلحة الفياض ) و ( طلحة الجود أو الجواد )، ولد قبل بعثة النبي ب 15 سنة في مكة المكرمة ، وعمل بالتجارة فكان يذهب إلى الشام لشراء البضائع، ويعود بها إلى مكة لبيعها في أسواق مكة.
كان طلحة بن عبيد الله من سادة ووجهاء قريش، وكان تاجرا وثريا، ويطلق عليه أسد قريش لقوته. نزل في طلحة بن عبيد الله قول الله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً* لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً)، (سورة الأحزاب: الآيات 23 – 24)، تلا رسول الله ﷺ هذه الآية، ثم أشار إلى طلحة في غزوة أحد قائلاً: “من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض، وقد قضى نحبه، فلينظر إلى طلحة”.
اقرأ المزيد
إسلام طلحة بن عبيدالله:
مناقب طلحة رضي الله عنه:
بُشرى النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة:
فضائل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:
استشهاده رضي الله عنه:
من هو الزبير بن العوام

أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، من أوائل الصحابة وكبارهم. تكنى بعبد الله وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب، عمّة رسول الله تكنيه بأبي الطاهر، بكنية أخيها الزبير ابن عبد المطلب. والزبير بن العوام هو ابن أخ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وزوجته أسماء بنت أبي بكر، وله العديد من الأولاد الذكور سمى عشرة منهم بأسماء صحابة استشهدوا، وهم عبد الله ومصعب وعروة والمنذر وعمر، وعبيد وجعفر وعامر وعميرة وحمزة، وأسماء بناته خديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة وحبيبة وسودة وهند ورملة وخديجة الصغرى.
والصحابي الجليل الزبير بن العوام ليس مجرد صهر لأول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق أو ابن عمة رسول الله، أو أحد العشرة المبشرين بالجنة، فهو “حواري النبي” ﷺ، ومن الستة الذين قال عنهم عمر بن الخطاب إن الرسول توفي وهو راضٍ عنهم.
اقرأ المزيد
مولد الزبير بن العوام ونشأته:
وُلد الزبير بن العوام في مكة، وتوفي والده وهو صغير، فتربى في كنف ورعاية أمِّه السيدة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها وكانت تربيه تربية حازمة، كي يكون مقاتلا شجاعا، يستطيع أن يدافع عن قومه، كي يكون عوضا عن أبيه الذي قتل في حرب الفجار قبل الإسلام. وعندما بلغ عمر الزبير ست عشرة سنة أسلم وصار من أوائل من دخلوا في الإسلام، وتعرَّض للابتلاء في أول إسلامه، حيث تعرَّض لتعذيبٍ شديدٍ في سبيل دينه، وكان الذي تولى تعذيبه عمه، كان يلفه في حصير، ويدخن عليه بالنار كي تزهق أنفاسه، ويناديه وهو تحت وطأة العذاب: أكفر بربِّ محمد أدرأ عنك العذاب، فيجيبُه الزبير في تحد رهيب: والله لا أعود لكفر أبدا.
تزوج الزبير من “ذات النطاقين”، السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق أول أصحاب الرسول محمد ﷺ، وهاجر مرتين، الأولى إلى الحبشة والأخرى إلى يثرب، وبعد هجرته الأخيرة إلى المدينة المنورة، رزقه الله بمولوده الأول عبدالله بن الزبير، وكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة.
الزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الزبير أول من سلّ سيفه في سبيل الله:
الزبير بن العوام في الغزوات:
غيرة الزبير رضي الله عنه:
فتح مصر :
الزبير في عهد الخلفاء الراشدين واستشهاده:
من هو سعد بن أبي وقاص

هو سعد بن أبي وقاص مالك الزهري القرشي, أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام ، فقيل ثالث من أسلم وقيل السابع، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وقال له النبي – صلى الله عليه وسلم- ” ارمِ فداك أبي وأمي ” ، وهو من أخوال النبي، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتز بهذه الخؤولةفقد ورد أنه كان جالسا مع نفر من أصحابه فرأى سعد بن أبي وقاص مقبلا فقال لمن معه: ” هذا خالي فليرني أمرؤ خاله “ ،وهو وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده.
هاجر سعد إلى المدينة المنورة، وشهد المشاهد كلها مع النبي، وكان من الرماة الماهري، استعمله عمر بن الخطاب على الجيوش التي سيرها لقتال الفرس، فانتصر عليهم في معركة القادسية، وأرسل جيشاً لقتال الفرس بجلولاء فهزمهم.
وهو الذي فتح مدائن كسرى بالعراق، فكان من قادة الفتح الإسلامي لفارس، وكان من أول ولاة الكوفة، حيث قام بإنشائها بأمر من عمر سنة 17 هجرية ، وجعله عمر بن الخطاب في الستة أصحاب الشورى الذين ذكرهم للخلافة بعده، وقال: ” هم الذين توفى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو عنهم راضٍ” ، اعتزل سعد الفتنة بين علي ومعاوية، وتوفى في سنة 55 هجرية بالعقيق ودفن في المدينة.
اقرأ المزيد
إسلام سعد بن أبي وقاص:
جاء في سبب إسلامه أنه رأى رؤيا تحثه على الإسلام، فعن ابنته عائشة أنه قال: “رأيت في المنام قبل أن أسلم كأني في ظلمة لا أبصر شيئا إذ أضاء لي قمر فاتبعته، فكأني أنظر إلى من سبقني إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علي بن أبي طالب وإلى أبي بكر وكأني أسألهم: متى انتهيتم إلى ههنا؟ قالوا: الساعة، وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو إلى الإسلام مستخفيا، فلقيته في شعب أجياد وقد صلى العصر فأسلمت، فما تقدمني أحد إلا هم”.
وكان أبو بكر يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه، فكان سعد ممن دعاهم، وكانت أم سعد معارضة لإسلامه، حيث لما علمت بإسلامه هددته بأنها لن تأكل وتشرب حتى تموت، لكي تجعله يرجع عن الإسلام، فرفض سعد ذلك وأصر على الإسلام، فيقول: نزلت هذه الآية في {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} (لقمان: 15).
هجرته إلى المدينة:
كان سعد من المهاجرين الأوائل إلى المدينة، حيث كانت هجرته قبل قدوم النبي، فعن البراء بن عازب قال “أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرآن الناس، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في 20 من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم”.
ولما هاجر سعد مع أخيه عمير بن أبي وقاص من مكة إلى المدينة نزلا في منزل لأخيهما عتبة بن أبي وقاص كان بناه في بني عمرو بن عوف، حيث كان عتبة أصاب دما بمكة فهرب فنزل في بني عمرو بن عوف، وكان ذلك قبل البعثة النبوية.
معاركه:
شهد سعد بن أبي وقاص جميع الغزوات مع النبي، فشهد غزوة بدر، وغزوة أحد وثبت فيها حين ولى الناس، وشهد غزوة الخندق وبايع في الحديبية وشهد خيبر وفتح مكة، وكانت معه يومئذ إحدى رايات المهاجرين الثلاث، وكان من الرماة الماهرين، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وكان أحد الفرسان الذين كانوا يحرسون النبي في مغازيه، وذلك في سرية عبيدة بن الحارث في شوال على رأس 8 أشهر من الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو وعتبة بن غزوان.
غزوة بدر:
شهد سعد غزوة بدر، وأرسله النبي في بداية المعركة مع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ونفر من أصحابه إلى ماء بدر، ليأتوا له بالأخبار عن جيش قريش، فوجدوا غلامين لقريش يستقيان للجيش، فأتوا بهما إلى النبي وهو يصلي، فسألوهما، فقالا: “نحن سقاة قريش، بعثونا لنسقيهم من الماء”، فكره القوم خبرهما، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما، فلما أذلقوهما قالا: “نحن لأبي سفيان” فتركوهما، وركع النبي وسجد سجدتين، ثم سلم، فقال: “إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما! صدقا والله، إنهما لقريش”، وقال لهما: “أخبراني عن جيش قريش”، فقالا: “هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى”، فقال لهما: “كم القوم؟”، قالا: “كثير”، قال: “ما عدتهم؟”، قالا: “لا ندري”، قال: “كم ينحرون كل يوم؟”، قالا: “يوما تسعا ويوما عشرا”، فقال النبي: “لقوم ما بين التسعمائة والألف”.
ولما بدأت المعركة أبلى سعد بلاء حسنا، روى الإمام أحمد في مسنده عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاص، وأخذت سيفه، وكان يسمى ذا الكتيفة، فأتيت به نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “اذهب فاطرحه في القبض” قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي، وأخذ سلبي، قال: فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذهب فخذ سيفك”. وروى أن سعدا قد أسر أسيرين يوم بدر.
وفاته:
كان آخر المهاجرين وفاة، ولما حضرته الوفاة دعا بخلق جبة له من صوف، فقال: “كفنوني فيها، فإني كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهي علي، وإنما كنت أخبئها لذلك”، فكانت وفاته في عهد معاوية بن أبي سفيان سنة 55 هجرية، فحمل إلى المدينة على رقاب الرجال، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة.
من هو سعيد بن زيد
كثير من المسلمين لا يعرف سيرة الصحابي الجليل سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، والذي ببشارة النبي ﷺ قد ضمن مقعده في الجنة مبكرا.كيف لا وهو من السباقين للإسلام وأشد المدافعين، وكان سببا في إسلام عمر بن الخطاب.
سعيد بن زيد كان من السابقين الأولين، أسلم قبل أن يدخل النبي ﷺ دار الأرقم بن أبي الأرقم، وشهد المشاهد كلها بعد بدر مع النبي، وشهد اليرموك وحصار دمشق وفتحها، وولاه عليها أبو عبيدة بن الجراح.
كان سعيد قائد سلاح الفرسان، وهو الذي أشار على خالد بن الوليد ببدء القتال معركة أجنادين، وهو لم يهاجر إلى الحبشة، حيث كان من أشراف قريش وساداتهم، فلم يكن ليناله من العذاب ما ينال غيره من المستضعفين، لكنه كان وزوجته فاطمة من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة.
اقرأ المزيد
من هو سعيد بن زيد:
هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي كان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل أحد الحنفاء الذين طلبوا دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قبل أن يبعث النبي عليه الصلاة والسلام، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم وكان يقول لقومه: يا معشر قريش والله لا آكل ما ذبح لغير الله، والله ما أحد على دين إبراهيم غيري .
ولد سعيد بن زيد قبل البعثة النبوية ببضع عشرة سنة، لأنه مات سنة إحدى وخمسين للهجرة، وعمره بضع وسبعون سنة، وقيل أنه مات وله ثلاث وسبعون سنة، فحينذ يكون مولده قبل البعثة بثلاث عشرة سنة، كان سعيد يُكنى أَبا الأَعور، وقيل: أَبو ثور، والأول أشهر، وقال أهل التاريخ: كان سعيد بن زيد رجلا آدمَ طَوَالًا أَشْعَرَ.
تزوج الصحابي الجليل سعيد بن زيد من فاطمة بنت الخطاب، رضي الله عنها، شقيقة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب، وتزوّج عمر عاتكة أخت سعيد، وكان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل من الأحناف في الجاهلية، فلم يسجد لغير الله في جاهليته.
أم سعيد بن زيد فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية كانت من السابقين إلى الإسلام وهو ابن عم عمر بن الخطاب وصهره.
أما والده، فيروي البخاري عن عبد الله بن عمر: “أن زيد خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا، حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال زيد: ما أفر إلا من غضب اللَّه، ولا أحمل من غضب اللّه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟ فهل تدلّني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيفُ؟ قال: دين إبراهيم، لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا يعبد إلا اللَّه. فخرج زيد فلقي عالماً من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة اللَّه، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله، ولا من غضبه شيئاً أبداً، وأنَّى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، ولا يعبد إلا الله. فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السَّلام خرج، فلما برز رفع يديه، فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم”.
رضي الله عن سعيد كان أبوه زيد بن عمرو قبل الإسلام، باحثا عن الحق، ورغم ذلك لم يدرِك زيدٌ الإسلام ومات قبل البعثة، لكن الله أدَّخَر له من يخلِّد اسمه وهو ولدُه سعيد رضي الله عنه حيث كان من السَّابقين للإسلام.
أخلاق وصفات سعيد بن زيد :
كان سعيد بن زيد مُجاب الدعوة، من ذلك أن أروى بنت أويس شكتْهُ إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة لمعاوية، وقالت: إنه ظلمني أرضي، فأرسل إليه مروان، فقال سعيد: “أتروني ظلمتُها وقد سمعت رسول الله ﷺ يقول: “من ظلم شبرا من أرض طُوِّقه يوم القيامة من سبع أرضين”؟! اللهم إن كانت كاذبة، فلا تُمِتْها حتى تُعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئرها”، فلم تَمُت حتى ذهب بصرها، وجعلت تمشي في دارها فوقعَت في بئرها فكانت قبرها.
وكان سعيد يبلي بلاء حسنا في المعارك وملازمًا للنبي محمد ﷺ، فعن سعيد بن جبير: “كان مقام أَبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في القتال ووراءَه في الصلاة”.
ولم يهاجر سعيد إلى الحبشة، حيث كان من أشراف قريش وساداتهم، فلم يكن يناله من العذاب ما ينال غيره من المستضعفين، وكان وزوجته فاطمة من المهاجرين الأولين إلى المدينة المنورة.
وكان سعيد قائد سلاح الفرسان، وهو الذي أشار على خالد بن الوليد ببدء القتال معركة أجنادين، وتُوُفي بالعقيق سنة 51 للهجرة، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وحُمِل إلى المدينة، وغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه.
منزلة وفضل سعيد بن زيد:
يعد سعيد بن زيد من الشخصيات المبجلة في الإسلام خاصة عند أهل السنة والجماعة، حيث يرون أنه من السابقين الأولين إلى الإسلام، وأنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن المهاجرين الأولين، شهد بدرا بسهمه وأجره، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وأنه كان مجاب الدعوة، وأن أبوه زيد بن عمرو بن نفيل كان حنيفيا على ملة إبراهيم، وقد وردت أحاديث وآثار عديدة تبين فضل سعيد ومكانته، منها:
ما رواه البخاري بإسناده إلى قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم في مسجد الكوفة يقول: (والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحداً أرفض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفض) . وفي هذا بيان فضيلة ظاهرة لسعيد بن زيد -رضي الله عنه- وهي أنه كان ممن حظي بشرف السبق إلى الإسلام وأن إسلامه كان قبل إسلام الفاروق -رضي الله عنه-.
ومن مناقبه العالية شهادة النبي ﷺ له بالجنة مع جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي ﷺ أخبر بأنه من الشهداء. وفي هذا فضيلة عظيمة لسعيد بن زيد حيث شهد له النبي بالشهادة وإن مات على فراشه فهو شهيد لخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بذلك.قال الشوكاني رحمه الله تعالى مبيناً فضل سعيد بن زيد -رضي الله عنه- “ويكفي سعيد بن زيد أنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأنه شهد أحداً وما بعده من المشاهد كلها وصار من جملة أهل بدر بما ضربه له رسول الله ﷺ من السهم والأجر”.
روايته للحديث:
كان سعيد مُقلا في رواية الحديث النبوي، فروى ثمانية وأربعين حديثا جمعها بقي بن مخلد في مسنده، وله في صحيحي البخاري ومسلم حديثان متفق عليهما، وانفرد له البخاري بحديث ثالث، وله في مسند أحمد بن حنبل ثمانية وعشرون حديثًا، وروى عنه من الصّحابة: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني، ومن كبار التابعين: أبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي البصري، وسعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم، عبد اللّه بن ظالم المازني، وزِرُّ بن حبيش، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وغيرهم.
ومن الأحاديث التي رواها سعيد ما رواه عن النبي أنه قال: “من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن ظلم من الأرض شبرًا طوقه من سبع أرضين”، كما أنه من رواة حديث العشرة المبشرين بالجنة فقال: “أشهد أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: “رسول الله في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي في الجنة، وعثمان في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم بالعاشر، ثم ذكر نفسه.
قصة سعيد بن زيد مع “الفاروق”:
كان سعيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب، حيث كان عمر في بداية الأمر شديد العداء للإسلام، وكان يريد أن يقتل النبي. فعندما خرج عمر بن الخطاب قبل إسلامه يحمل سيفه يريد قتل النبي -ﷺ- لقيه بعض كفار قريش وأخبروه أنّ أخته وزوجها صارا على دين محمد، فغير وجهته حتى أتاهما، فوجد خباب بن الأرت عندهما يتلو آياتٍ من سورة طه، فلما سألهما عن إسلامهما، وقف له سعيد بن زيد – رضي الله عنه- مدافعا عن الحق الذي جاء به الإسلام، فضربه عمر ضربا شديدا، فلحقت به فاطمة ودفعته عن زوجها، فلطمها على وجهها حتى سال الدم منها، فغضبت وأعلنت أمامه أمر إسلامها ناطقة بالشهادتين.
فلما يأس عمر منهما، وجد الصحيفة التي كانوا يتلون منها الآيات، فطلبها، فأخبرته فاطمة بوجوب أن يتطهر قبل أن يلمسها، ففعل، فأخذ يقرأ فيها حتى وصل قوله -تعالى-: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فأنار الله قلبه للإسلام ونطق الشهادتين. ففرح سعيد وزوجته وأخبراه أنها دعوة النبي -ﷺ-، حين قال: “اللَّهم أعز دينك بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام، وإما عمر بن الخطاب”، فسأل عن مكان النبي فأخبراه بمكانه -ﷺ-، فذهب ولم يكن يعلم أحد بعد بإسلامه، وأعلن إسلامه بين يدي النبي -ﷺ-، وهكذا كان سعيد بن زيد وزوجته فاطمة سببا في إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم جميعا.
ومما قاله سيدنا سعيد بن زيد عن إسلامه وثباته وأسبقيته في الإسلام رضي الله عنه : “والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام أنا وأخته، قبل أن يسلم عمر”.
في عداد البدريين ولم يشهد بدر:
شهد سعيد بن زيد جميع المشاهد والغزوات مع النبي إلا غزوة بدر، فشهد غزوة أحد والخندق وبيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد، وكان يبلي بلاء حسنا في هذه الغزوات. فمنذ أن أسلم رضي الله عنه لم يترك رسول الله ﷺ وشارك في كل غزواته وأيامه، إلا أنه في غزوة بدر كان قد أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مهمة استطلاعية عن الأعداء فرجع منها بعد انتهاء الغزوة، فأحزنه ذلك أنه لم يشترك في هذه الغزوة الأولى مع رسول الله، لكن رسول الله ﷺ طيَّب خاطره وضرب له بسهمه في الغزوة كمن اشترك فيها، فسأل سعيد النبي وقال: وأجري؟ قال: “وَأَجْرُكَ”، لذلك اعتبر في عداد البدريين رغم أنه لم يشترك فيها.
وفي باقي الغزوات كان ملازما لرسول الله ﷺ، فعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كان مقام أبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن ابن عوف وسعيد بن زيد، كانوا أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في القتال ووراءه في الصلاة.
سعيد بن زيد زمن الخلافة :
ظل سعيد بن زيد رضي الله عنه تحت إمرة الخلفاء الراشدين ولم يشترك في أي فتنة ضدهم حتى استشهد سيدنا عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم فبايع بعد علي ولده الحسن عليهما السلام، ثم معاوية رضي الله عنه.
وعندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة، كان سعيد بن زيد رضي الله عنه في مقدمة الصحابة الذين توجهوا للقتال في بلاد الشام، ولم يكن أميرا، بل كان من ضمن الجنود، لكنه شارك في معركة اليرموك وكان من قادتها، بل إن أبا عبيدة رضي الله عنه قائد الجيش بناء على خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه تأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله، لكي إذا رآه المنهزم استحى منه ورجع إلى القتال، فجعل أبو عبيدة مكانه في القلب سعيد بن زيد.
وفاته:
فاضت روحه الطاهرة سنة 51 من الهجرة في خلافة معاوية، ودفن بالمدينة المنورة مع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فغسَّله عبد الله بن عمر رضي الله عنه ودفنه ونزل قبره هو و سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وحزن أهل المدينة عليه جدا إذ كان أحد العشرة المبشرين بالجنة.
من هو عبدالرحمن بن عوف
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
اقرأ المزيد
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
من هو أبو عبيدة عامر بن الجراح
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
اقرأ المزيد
Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit. Ut elit tellus, luctus nec ullamcorper mattis, pulvinar dapibus leo.
المصادر:
موقع إسلام أونلاين
موقع إسلام ويب
كتاب سير أعلام النبلاء